ومع هذا الجهد العظيم والصبر الجميل والثبات المنقطع النظير، والحرص المستمر إلا أن قومه رفضوا وامتنعوا من الإجابة ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]. ثم قالوا: ﴿لَئِن لَّمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦]، ولم يؤمن مع نوح إلا فئة قليلة من قومه حتى زوجته وأحد أبنائه غرقوا في مستنقع الكفر الخبيث، قال تعالى:﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: ١٠]، وقال تعالى:﴿وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ [هود: ٤٥]، وقال تعالى: ﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ [هود: ٤٠]. وفي نهاية المطاف وفي آخر مراحل الدعوة وبعد أن علم استحالة استجابة قومه لدعوة التوحيد، قال كما حكى عنه القرآن الكريم في قوله تعالى:﴿قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ - فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١١٧، ١١٨]، وقوله تعالى:﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ [القمر: ١٠]، وقال تعالى:﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا - إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٦، ٢٧].


الصفحة التالية
Icon