إن التجديد لهذا الدين هو الخط المقابل للغربة، والمجددون هم الذين يدافعون غربة الدين، ويدفعونها، ويحيون ما اندرس من الشرائع وهي بذلك تعمل على إحياء الدين، وتجديده، ودفع الغربة عنه وعن أهله، وتتضاعف مسئولياتها وتعظم كلما ازداد الشر والفساد في الأمة، واستفحل وتضاعف، فـ «التجديد إنما يكون بعد الدروس وذاك هو غربة الإسلام»(١).
وكما وعد رسول الله - ﷺ - بطائفة منصورة ظاهرة قائمة بأمر الله إلى قيام الساعة، فقد وعد وعدا خاصا مندرجا في هذا الوعد العام، وهو البشارة ببعثة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - ﷺ - قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» (٢).
ولفظ (من) في الحديث يطلق على الفرد، وعلى الجماعة، فيحتمل المعنى أن يكون المبعوث فردا، ويحتمل أن يكون جماعة أو طائفة، فإن كان المجدد فردا، فلابد أنه من الطائفة المنصورة، وهذا مما لا يحتاج إلى بيان، وإن كانت مهمة التجديد موكولة إلى فئة، فهي الطائفة المنصورة - بلا ريب - وذلك لأن خصائص هذه الطائفة هي الخصائص التي يحتاج إليها في تجديد الدين لهذه الأمة.

(١) الفتاوى لابن تيمية (١٨/٢٩٧).
(٢) أبو داود، كتاب الملاحم، باب: ما يذكر في قرن المائة (٤/٢٨٠) رقم ٢٩١ إسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon