٣- الظهور بمعنى الغلبة، وقد دلت النصوص على هذا المعنى أوضح دلالة، فقد وصفوا في الأحاديث بكونهم ظاهرين، ولا شك أن الظهور يأتي كثيرا بمعنى الغلبة والتمكن والعلو والظفر، كما في قوله تعالى:﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣]. وكما قال تعالى: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤].
وقوله ﴿حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة: ٤٨].
وقوله: ﴿إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٠].
وقد أكد إرادة هذا المعنى مجيء روايات أخرى تكاد أن تكون صريحة في ذلك، كقوله: «ظاهرين لعدوهم»(١).
وقوله: «ظاهرين على من ناوأهم»(٢).
وقوله: «لعدوهم قاهرين»(٣).
ولاشك أن هذا وعد رباني على لسان محمد - ﷺ -، وليس يشك مسلم في ثبوته وتحققه ووقوعه، خاصة وأصل الحديث ثابت متواتر كما سبق، وهو يشمل الغلبة والقهر بالحجة، ويشتمل الغلبة المادية والنصر في القتال، ويجوز أن تكون معاني الظهور السابقة - كلها - واردة وصحيحة، فتكون الطائفة المنصورة ظاهرة معلنة غير مستترة، وظاهرة على الدين بالثبات عليه والتمكين منه، وظاهرة على عدوها بالحجة والبيان وبالقوة والسنان(٤).
و- أنها صابرة:
قال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة: ٢٤].
(٢) أبو داود، كتاب الجهاد، باب: دوام الجهاد، رقم (٢٤٨٤) (٣/١١).
(٣) انظر: الطبراني (الكبير) ترجمة أبي أمامة رقمها ٧٣٦ (٨/١٧١).
(٤) انظر: صفة الغرباء، ص١٩٣، ١٩٤.