وأشار القرآن الكريم إلى تمكين الله لذي القرنين وصفاته الربانية وشكره لله على نعمة التمكين، قال تعالى: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾[الكهف: ٨٤]، وقال تعالى: ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾[الكهف: ٩٥].
وأشار القرآن الكريم إلى صفات جيل التمكين، قال تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ [المائدة: ٥٤].
لقد قمت بدراسة الآيات السابقة من خلال أقوال المفسرين والعلماء والفقهاء وحاولت أن أنزلها على واقع المسلمين المعاصر حتى يتضح شيء من معالم فقه التمكين الذي نحن في أشد الحاجة إليه، وحاولت أن أستشهد بسيرة النبي - ﷺ - على التطبيقات العملية لفقه التمكين، وحرصت على دراسة السيرة النبوية دراسة متأنية مع التأمل بالإضافة لسيرة الخلفاء الراشدين حيث يعتبر عصرهم مدرسة مهمة في تطبيق هذا الفقه وتعرضت للحركات الإسلامية التي كان لها أثر في القرنين الماضيين والتي تركت معالم نيرة في فقه التمكين والتي توارثتها الحركات الإسلامية المعاصرة محاولاً إبراز فقه التمكين عندها ومناهج الإصلاح والتغيير التي انتهجتها في سعيها لتمكين الإسلام في هذا الزمان.
لقد كان اختياري لهذا الموضوع لأسباب من أهمها:
١- رغبتي في بحث يجمع بين الأصالة والمعاصرة، فيقدم ما ينفع لعصرنا مما قرره علماء التفسير، فيكون فهمنا لفقه التمكين مستفادًا من فهمهم، فيجمع بذلك بين حفظ أقوالهم، وتقديم الحلول الصحيحة للمشكلات التي تتعرض لها الأمة في سعيها للتمكين.
٢- بيان ضوابط وقواعد، ورسم معالم وحدود نفهم بها حقيقة فقه التمكين من خلال إبراز أنواعه وأسبابه وشروطه، ومراحله وأهدافه.


الصفحة التالية
Icon