﴿قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ - وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٥، ١٢٦]، لقد أقام موسى عليه السلام الحجج الدامغة والبراهين الساطعة، على فرعون الطاغية المتكبر وطلب منه أن يرسل معه بنى إسرائيل، فامتنع وشرع للكيد لموسى وقومه، وكانت النتيجة أن تمكن الإيمان من قلب السحرة وأعلنوها صيحة مدوية في آفاق الأرض:﴿فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا - إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾
[طه: ٧٢].
لقد انتقم فرعون من السحرة الذين آمنوا وصلبوا في جذوع النخل وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وتشاور الملأ من القوم مع زعميهم الطاغية وقرر الأخير مضاعفة العذاب والانتقام من الشعب المستضعف الذي بدأ يزحف نحو النور والحرية والكرامة والتوحيد الصحيح.
لقد حاور موسى عليه السلام فرعون الطاغية وساجل سحرته، وكانت محاولته لمعالجة الوضع من فوق، لتحقيق تغيير أشمل، ولكن سرعان ما تبين أن الجدار الفرعوني لا يخترق ولا يستمال ولا يحيَّد ولا يكسب، حتى بعد أن كسب المعركة عقديًا وفكريًا وسياسيًا حين لقفت عصاه عصي السحرة فكان لا بد من الخروج ببني إسرائيل خلسة وباستخدام أسلوب التمويه حتى يكسب بعض الوقت قبل اكتشاف أثرهم واللحاق بهم، فالمواجهة كانت تعنى الهلاك، بل فشل الفرار كان يعنى الهلاك كذلك.


الصفحة التالية
Icon