٢- الحصار الاقتصادي: على قريش ومنعها من مواصلة تجارتها مع الشام ما أمكن إلى ذلك سبيلاً ومنع الحصار الاقتصادي المتوقع على المدينة من قبل القبائل المحيطة بها، وذلك بعقد أحلاف مع بعضها وقتال البعض الآخر، ومفاجأة كل تجمع يخشى منه ضرر على الدولة المسلمة، فكان - ﷺ - يقظًا سريع الحركة ما يكاد يسمع بتجمع للمشركين يهدده إلا فاجأهم وشتت شملهم وألقى الرعب في قلوبهم، فالهجوم عنده أقوى وسائل الدفاع.
٣- لقد أثبتت حركة السرايا والبعوث أن المسلمين أصبحوا قوة يحسب لها حسابها من قبل المشركين من قريش والقبائل المجاورة، واضطرت بعض القبائل إلى مهادنة وموادعة المسلمين، هذه بعض الأهداف التي حققتها تلك السرايا والبعوث.
إن معارك النبي - ﷺ - ضد المشركين وانتصاره عليهم نوع من أنواع التمكين، ومن أهم هذا المعارك: بدر، والخندق، ففي معركة بدر بيَّن تعالى أن حقيقة النصر من الله تعالى، قال تعالى:﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣].
إن الله تعالى بين أن النصر لا يكون إلا من عند الله عَزَّ وَجَلَّ، والمعنى ليس النصر إلا من عند الله دون غيره، و(العزيز) أي ذو العزة التي لا ترام (١)، و(الحكيم) أي الحكيم فيما شرعه من قتال الكفار مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم بحوله وقوته سبحانه وتعالى (٢).
ويستفاد من هاتين الآيتين: تعليم المؤمنين الاعتماد على الله وحده، وتفويض أمورهم إليه من التأكيد على أن النصر إنما هو من عند الله وحده وليس من الملائكة أو غيرهم، فالأسباب يجب أن يأخذ بها المسلمون لكن يجب أن لا يغتروا بها، وأن يكون اعتمادهم على خالق الأسباب والوسائل حتى يمدهم الله بنصره وتوفيقه، ثم بين سبحانه مظاهر فضله على المؤمنين وأن النصر الذي كان في بدر وقتلهم المشركين، ورمي

(١) انظر: تفسير ابن كثير (١/٤١١).
(٢) المصدر نفسه (٢/٣٠٣).


الصفحة التالية
Icon