فالله سبحانه وتعالى يبين هدف تمكين الأمة وغايته والذي يتمثل في قيادة الأمة لنفسها وللبشرية بكتاب الله تعالى، الذي نهى عن الانحراف عن هذا النهج الرباني إلى تشريع آخر وهو الطاغوت، هذه هي غاية وجود هذه الأمة والهدف من إقامة دولتها، يقول الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤]. ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥] وقال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: ٥٩]. فهذه الآيات تحكم على من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر والفسق والظلم، وهي تدل على وجوب إقامة شرع الله في حياة الجماعة المسلمة، وأنه لا طاعة لولاة الأمور إلا إذا قاموا بهذه الوظيفة، التي تتمثل في تطبيق الشريعة الإسلامية التي أوصى الله تعالى بها، والسنة تقرر أن طاعة ولاة الأمر منصبة على تنفيذ الحكم الشرعي، لقد بين الرسول - ﷺ - الأهداف السامية من التمكين وهي تطبيق شريعة الله، والقضاء على الظلم والانحراف في الأرض، ونشر الإسلام والدعوة إليه عقيدة ونظاما، وذلك لأن الشريعة الإسلامية لم تأت لقوم دون قوم، أو مجتمع دون مجتمع، بل جاءت خاتمة لما قبلها من الشرائع، ومخاطب بها كل أفراد البشر من حين بعثة محمد - ﷺ - إلى أن تنتهي الدنيا(١).
وفيما يلي مباحث تتناول هذا الهدف وما ينتج عنه من مبادئ وأسس: