وبقدر ما يأتي الخير ويكثر في وجود الإمام الصالح، بقدر ما يتفاعل الشر وتتفاقم الفتن في حالة خلو الزمان منه، يقول الإمام أحمد رحمه الله: «الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس » ويقول أيضا: «لابد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟» (١).
والأصل في الإمام أن يكون صالحا في نفسه، قدوة لغيره، فكلمة (الإمام) نفسها تدل على ذلك، فمعنى الإمام: القدوة، ومنه قيل لخشبة البناء: إمام، ويقال للطريق: إمام، لأنه يؤم فيه المسالك، أي يقصد(٢).
وقد قال الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ [البقرة: ١٢٤] أي «جعلناك إماما للناس يأتمون بك في الخصال، ويقتدي بك الصالحون »(٣).
ولهذا فإن الذين يفتقدون إلى الصلاح لا يستحقون الإمامة، فإبراهيم عليه السلام قال لربه بعد ما بشره بالإمامة: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ [البقرة: ١٢٤] على جهة الاستفهام، أي ومن ذريتي يا رب ماذا يكون؟ فأخبره الله تعالى أن فيهم عصاة ظالمين لا يستحقون الإمامة، قال ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٢٤] والعهد المراد في الآية هو: النبوة أو الإمامة، أو ولاية الأمر(٤).
(٢) انظر: لسان العرب، مادة (أمم) (١/١٣٤).
(٣) تفسير القرطبي (٢/١٠٧).
(٤) تفسير الطبري (٣/٢٤).