إن إقامة الدستور على نهج كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ - وبيان شروط الحاكم من خلاله من أهداف مرحلة التمكين، إن القرآن الكريم ذكر للحاكم الصالح صفات وملامح لا تقف عند حد الإجزاء والصحة، وإنما تتجاوزهما إلى حد السمو والرفعة، وكيف لا يكون الأمر كذلك، والحاكم هو أسوة العامة، وقائد الخاصة، والفرد الأول في الأمة، المقدم لقيادة الركب في كل المهمات والملمات.
إن في القرآن كثيرا من الصفات العظيمة التي يحبها المولى عز وجل، وسنرى ذلك بإذن الله في بعض شخصيات المرسلين.
جـ- الرعية الصالحة:
إن من أهداف مرحلة التمكين إيجاد دعائم دولة الإسلام ومن أهمها الاهتمام بالرعية وتربيتها على نهج رب البرية لتصبح مؤمنة بربها مصلحة في حياتها، تتحمل إقامة الحياة الإسلامية على شريعة الله وتقوم بإلزام الحكام على الاستقامة على شريعة الله، فالرعية هي التي تمد الحاكم بشرعية الولاية، وتوظيفهم في مهمة تحكيم شرع الله، قال القرطبي: «إقامة مراسيم الدين واجبة على المسلمين، ثم الإمام ينوب عنهم»(١).
فالرعية الصالحة قيمة على مسلك الولاة، بحيث إذا زاغوا عن السبيل ردتهم، وإذا اعوجوا قومتهم، فإن أبوا إلا الانحراف والابتعاد عن الطريق المستقيم خلعتهم وأبعدتهم، والأمة المسلمة ليست كأية أمة، ولا ينبغي لشعوبها أن تكون رعية كأية رعية، تساق فتنساق، وتوجه فتتوجه، إنها أمة صاحبة رسالة وحاملة أمانة، اختارها الله بين الأمم وأرسل فيها أفضل الرسول، وأنزل إليها أحسن الكتب، وخصها بأفضل شريعة وكفلها بأسمى رسالة كما قال سبحانه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: ١١٠] فهم خير الناس للناس وأنفع الناس للناس(٢).

(١) تفسير القرطبي (١٢/٢٦١)
(٢) تفسير ابن كثير (١/٣٦٩).


الصفحة التالية
Icon