٣- توجيه دعوة الله إلى عامة المسلمين والمقصرين في حق دينهم، وتوجيه الدعوة إلى غير المسلمين في العالم كله إلى غير ذلك، ودعوة الأمة المسلمة إلى الله تكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، والدعوة إلى الأخلاق الكريمة بكل الوسائل الشرعية، وأما خارج الأمة، فمن أعظم الوسائل الجهاد في سبيل الله.
أولاً: إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
إن من وسائل الدعوة إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال إشراف الدولة، لأن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي جزء من سياسة الدولة الإسلامية الحاكمة بما أنزل الله، فهي ليست مجرد جهد شخصي من المتطوعين أصحاب النوايا الطيبة، وليست أصواتا تعلو فوق المنابر تخاطب البناء التحتي للمجتمع الذي لا يملك حولا ولا قوة حيال منكرات ومفاسد مدخولة على حياة الناس.. لا، ليس الأمر كذلك ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان خطة الدولة في إقامة الدين الذي تستمد الدولة شرعيتها منه.
فعبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، هي الأرضية التي تنطلق منها السياسات الإعلامية والتثقيفية والتعليمية والاجتماعية والمالية، وشتى النواحي التي ينعكس أثرها على الدين سلبا أو إيجابا، فبهذا تكون الدولة مقيمة لشعائر الإسلام الظاهرة التي بها تعرف أنها دار إسلام.
يقول ابن تيمية - رحمه الله: «... وولي الأمر إنما نصب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا هو مقصود الولاية، فإذا كان الوالي يمكِّن من المنكر، كان قد أتى بضد المقصود، مثل من نصبته ليعينك على عدوك فأعان عدوك عليك، وبمنزلة من أخذ مالا يجاهد به في سبيل الله، فقاتل به المسلمين»(١).
وواضح من كلامه -رحمه الله- أن واجب الولاة إقامة هذه الشعيرة وتمكين الناس من أدائها، لا منعهم منها.

(١) مجموع الفتاوى (٢٨/٣٠٣).


الصفحة التالية
Icon