ولكي يحقق الحكم الإسلامي مقصده في إقامة الدين في الأرض بلا معوقات، فلابد أن يكون مستعدا لما قد يكون في الطريق من عقبات ترد الدعوة، أو تصد الدعاة عن القيام بواجب نشر الحق ولهذا كان لابد أن تتهيأ دولة الإسلام لما تواجه به هذه الظروف، وتعد الأمة للجهاد دائما ضد كل متصدر للوقوف في طريق كتائب الحق المتحركة نحو رضا الله، وإذا كان الجهاد وسيلة من وسائل إقامة الدين في الأرض، فإن «إقامة حكم الله في الأرض والتمكين لدينه، غاية من غايات الجهاد في سبيل الله، والذي يجب أن يسعى لتحقيق هذه الغاية هم المسلمون الذين آمنوا بها وذاقوا حلاوتها، وعلموا أن من حق البشر عليهم أن يسعوا لإسعادهم بها، ولو كان الناس يقبلون دعوة المسلمين إلى تحكيم هذا الكتاب عليهم أن يكتفوا بالدعوة إلى ذلك لأنه يحقق الهدف، ولكن أكثر الناس لا يكفيهم أن يرفضوا تحكيم كتاب الله، بل إنهم يقفون محاربين من أراد تحكيمهم بكل ما أوتوا من قوة، وهذا يحتم على أولياء الله أن يجاهدوا أعداءه الذين يحاربونهم
من أجله»(١).
إن الدولة الإسلامية التي تسعى لتحقيق أهداف التمكين من واجباتها تشكيل وزارة للجهاد في سبيل الله، ووضع نظام للجهاد يتلاءم مع قيم الدين وآدابه في إعداد الجنود، بعيدة عن الأنظمة الوافدة أو المستوردة، إن الإعداد للجهاد والاهتمام به ليس عدوانا على أحد، حتى ولو كان من غير المسلمين، إنما هو تأمين لحاضر المسلمين ومستقبلهم وحماية لأرضهم وعرضهم ومالهم ودينهم ونفوسهم أمام أي معتد على واحدة من هذه التي يعتز بها كل إنسان إن كان من أصحاب الفطر السوية(٢).
(٢) انظر: فقه الدعوة إلى الله (٢/٧٤٤، ٧٤٥).