بلغت عدالة هذه الأمة يوم أن كانت في أوج قوتها ونفوذ سلطانها، وقدرتها على البطش والظلم –إن أرادت- حدًا أذهل الأعداء والخصوم، وجعلهم مشدوهين أمام عظمة هذه الأمة، والدين الذي تدين به وتدعو الأمم إليه، ومما جعلهم – على ما في قلوبهم من غل وحقد وحسد- يشيدون بعدالة هذه الأمة وسماحتها وقيامها بالقسد مع صومها ومن يعيش في كنفها من أهل الديانات الأخرى قبل أبنائها ومواطنيها فنطقت ألسنتهم بما رأوا ولمسوا من العدل والإنصاف والسماحة التي عاشوها وعوملوا بها في رحاب هذه الأمة وتحت سلطانها، وحين تأتي الشهادة لهذه الأمة من الأعداء والخصوم، فهي شهادة غير متهم ولا محاب، بل هي شهادة عدو، وخصم أنطقه واقع العدل الذي نعم به في جوار هذه الأمة والرحمة التي مسته مما لم يجد لها مثيلا حتى من بني قومه وعقيدته.
وقديما قيل: والفضل ما شهدت به الأعداء.
وهذه مجموعة من اعترافات وشهادات الأمم وأهل الأديان الأخرى بعدالة هذه الأمة وإنصافها لمن عاش تحت شريعتها منهم.
١- روى البلاذري(١) من طريق سعيد بن عبد العزيز(٢)

(١) هو أبو جعفر أحمد بن يحيي بن جابر بن داود البلاذري ولد في أواخر القرن الثاني الهجري ببغداد ورحل في طلب العلم، وترجم كتاب من الفارسية إلى العربية كان عالما فاضلا شاعرا راوية نسابة، وله مؤلفات أشهرها أنساب الأشراف، توفى عام ٢٧٩ هـ، انظر: معجم الأدباء (٥/٩٢)، النجوم الزاهرة (٢/٨٢).
(٢) هو: سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي مفتى الشام، أحد الأئمة ثقة حجة مات عام ١٦٧هـ....
انظر: الذهبي ميزان الاعتدال (٢/١٤٩).


الصفحة التالية
Icon