وقال الضحاك(١) في تفسير الآية: (جعل الدين واسعا ولم يجعله ضيقا). وقال مقاتل بن حيان(٢): (لم يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله، وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه إلا وقد ساق إليهم عند الاضطرار فيه رخصة).
وبعد هذا التعريف للحرج يكون رفع الحرج هو:
(إزالة ما يؤدي إلى هذا المشاق الموضحة في التعريف، ويتوجه الرفع والإزالة إلى حقوق الله –سبحانه وتعالى-؛ لأنها مبنية على المسامحة، ويكون ذلك إما بارتفاع الإثم عند الفعل، وإما بارتفاع الطلب للفعل، وحينا يرتفع كل ذلك ترتفع حالة الضيق التي يعانيها المكلف حينما يستشعر أنه يقدم على ما لا يرضي الله، وهذا هو الحرج النفسي والخوف من العقاب الأخروى.
كما يرفع الحرج الحسي حينما يكون التكليف شاقا فيأتي العفو من الله –سبحانه وتعالى- إما بالكف عن الفعل الموقع في الحرج، وإما بإباحة الفعل عند الحاجة إليه)(٣).
المبحث الثالث
أدلة التيسير والوسع ورفع الحرج
من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين
أولا: الأدلة من القرآن الكريم:

(١) هو المفسر الثقة الضحاك بن مزاحم الهلاك أبو القاسم، ويقال: أبو محمد الخراساني، روى عن طائفة من الصحابة، ولم يثبت له سماع من أحد من الصحابة، وثقة الإمام أحمد، والدراقطني، وغيرهما. كان جليل القدر والعلم في التفسير، أخذ منه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، توفى سنة ١٠٢هـ، العبر (١/٩٤) تهذيب التهذيب (٤/٤٥٣) سير أعلام النبلاء (٤/٤٤٩).
(٢) أصله من بلخ، ويقال له الخراساني المروزي، وهو أزدي بالولاء، انتقل إلى البصرة وعاش بها يروي على ضعفه وسقوطه عن بعض العلماء عن أئمة، كابن سيرين وعمرو بن شعيب والزهري اتهمه أكثر الأئمة بالكذب والضعف في الرواية والنكارة في الحديث، والجسارة على الكذب، وغير ذلك من الأوصاف الجارحة، توفى سنة (١٥٠هـ) انظر: ترجمته المجروحين لابن حبان (٣/١٤).
(٣) رفع الحرج في الشريعة الإسلامية (٤٨).


الصفحة التالية
Icon