٨- قال عمر بهاء الدين الأميري: (وقد كان من تدبير الله الحكيم العليم في هذه الأمة أن جعل وسطيتها في كل مجال: فهي موطن الرسالة الأولى، وفي ساحتها الحضارية المشعة المترامية الأطراف – من بعد- في مناخ محتمل، جو مسعف، لا في مناطق بركانية زلزالية، ولا لاظية استوائية، ولا متجمدة قطبية، حيث تقعد قساوة الطبيعة بالإنسان عن الحركة والنشاط والإعمار الحضاري.
وهي وسط في موقعها الجغرافي المهم، حيث كانت مهابط الوحي، أرض الإسلام ومهد الأمة الإسلامية الأولى فهي الوسط بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، وهي مركز الوصل بين أفريقيا وآسيا وطرف ممتد من أوروبا، وهي الرباط البري بين الطرق المائية)(١).
ومن خلال ما سبق يتضح لنا أن وصفة البينية أمر أساس في تحديد الوسطية، وأن هؤلاء العلماء والكتاب اعتبروا هذا الأمر قضية مسلمة في تحديدهم وتعريفهم للوسطية وهذه البينية ليست مجرد الظرفية، وإنما هي التي تعطي الدلالة على التوازن والاستقامة والعدل، ومن ثم الخيرية فهذه هي الوسطية الحقة، وهذا الذي قرره علماؤنا العظام من السابقين واللاحقين كما بينت وفصلت.
المبحث الثاني
دليل تطبيقي لملامح الوسطية

(١) انظر: وسطية الإسلام وأمته في ضوء الفقه الحضاري (٥٨).


الصفحة التالية
Icon