الوجه السادس: كون الكتاب الذي أنزل عليها خير الكتب السماوية، وذلك من وجوه:
١- إنه الكتاب الذي وصفه الله بأنه أحسن الحديث الذي أنزله.
فقال تعالى: (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَّشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: ٢٣].
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: (هذا مدح من الله عز وجل لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسول الكريم)(١). وهو نص في أن القرآن الكريم أفضل وأحسن من غيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله –عز وجل- قبله.
٢- إنه الكتاب السماوي الوحيد الذي تكفل الله بحفظه وصيانته من الزيادة والنقصان ومن التحريف والتبديل.
فقال جل وعلا: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: ٩]. فالمراد بالذكر: القرآن، والضمير في قوله: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) راجع إليه على الصحيح.
قال فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي(٢) -رحمه الله-: (... وهذا هو الصحيح في معنى هذه الآية، أن الضمير في قوله تعالى: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) راجع إلى الذكر الذي هو القرآن، وقيل الضمير راجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كقوله: (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: ٦٧]، والأول هو الحق كما يتبادر من ظاهر السياق)(٣).

(١) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٧/٨٤).
(٢) هو الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي العلامة الأصولي المفسر اللغوي الحافظ، المالكي مذهبا صاحب التصانيف، ومنها أضواء البيان في تفسير القرآن، آداب البحث والمناظرة، توفى بمكة عام ١٣٩٣هـ، انظر: الأعلام (٦/٤٥).
(٣) انظر: أضواء البيان (٣/١٠٧).


الصفحة التالية
Icon