ولأنه لا يمكننا معرفة ذلك إلا بخبره -صلى الله عليه وسلم- إذ لا نبي بعده يخبرنا بعظيم قدره عند الله(١)، ولا يشكل على تفضيله -صلى الله عليه وسلم- على غيره من الأنبياء والمرسلين، ما ورد من قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة: "لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثني الله"(٢).
وقوله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أخرى: "لا تفضلوا بين الأنبياء"(٣).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى"(٤). فإن المراد بالنهي: التفضل المؤدي إلى تنقص المفضول من الأنبياء وهذا غير لازم لتفضيل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنهم أفاضل وهو أفضلهم من غير نقص أو تنقص لمكانتهم صلوات الله وسلامه عليهم.
وقال بعض أهل العلم: (المراد بالنهي: التفضيل المؤدي إلى الخصومة والتنازع وقال بعضهم إنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تفضيله على موسى أو غيرهم من الأنبياء تواضعا وتأدبا وإلا فهو أفضلهم)(٥).
عموم رسالته:
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب وفاة موسى، (٦/٤٤١) رقم الحديث (٣٤٠٨).
(٣) انظر: الفتح (٦/٤٤٤)، وتخريج الألباني لشرح الطحاوية (١٧١).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٦/٤٥٠)
(٥) انظر: فتح الباري (٦/٤٤٦).