ونؤمن كذلك بالملائكة الموكلين بالنار، أعاذنا الله منها، وهم الزبانية، ومقدموهم تسعة عشر قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ) [غافر: ٤٩]، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: ٦]، وقال تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَ) [المدثر: ٣٠-٣١].
ونؤمن أيضًا بالملائكة الموكلين بالجنان الذين يهيئون الضيافة لساكنيها، من ملابس ومآكل ومشارب ومصنوعات وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وإذا أردت أن تعرف ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الملائكة فيمكن أن ترجع إلى صحيح البخاري.
وبذلك يكون القرآن الكريم قد رسم لنا منهج الوسطية في إيماننا بالملائكة، وهذا يبعدنا عن الوقوع في الخرافات والأوهام التي وقع فيها من لا يؤمنون بالغيب، ولا يتلقون معارفهم عن الوحي الإلهي.
وبهذا المعتقد يكون المسلم على منهج الاستقامة الذي أمر الله به وعلى الصراط المستقيم، فإن من يستشعر بقلبه وجود الملائكة جنود الرحمن، ويؤمن برقابتهم لأعماله وأقواله، وشهادتهم على كل ما يصدر عنه، يستحي من الله ومن جنوده فلا يخالفه ولا يعصيه، لا في العلانية ولا في السر، إذ كيف له ذلك وهو يعلم أن كل شيء محسوب عليه ومكتوب ومشهود عليه.