كان بنو إسرائيل يخلطون الحق بالباطل، بحيث لا يتميز الحق من الباطل، وقد سجّل القرآن الكريم هذا الجرم عليهم، قال سبحانه (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: ٤٠-٤٢]، وقال سبحانه: (يا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[آل عمران: ٧١].
ومن أبلغ الصور وأقبحها في إلباس الحق ادعاء الكهنة والأحبار -في التوراة التي بأيديهم- أن هارون -عليه السلام- هو الذي جمع الذهب من بني إسرائيل وأشترك معهم في صناعة العجل الذهبي، ووافقهم على عبادته من دون الله، وفي الوقت نفسه يبرؤون السامري فهارون الذي تحمّل المشاق عليه الصلاة والسلام في سبيل إقناع فرعون بالتوحيد جعلوه داعية الشرك والكفر، ولكن القرآن الكريم كان لهذه الدعوى بالمرصاد، فكذبهم وبين حقيقة الأمر(١).

(١) انظر: الفصل لابن حزم (١/٢٥٦).


الصفحة التالية
Icon