ومعرفتها تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وهذه الأنواع هي روح الإيمان وروحه، وأصله وغايته. فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوى يقينه، فينبغي للمؤمن: أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات، وتكون معرفته سالمة من داء التعطيل، ومن داء التمثيل اللذين ابتلى بهما كثير من أهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل تكون المعرفة متلقاة من الكتاب والسنة، وما روى عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهذه المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة في إيمانه وقوة يقينه، وطمأنينة في أحواله(١).
ويعجبني في هذا المقام كلام نفيس للعلامة ابن القيم -رحمه الله-: حيث يقول: (ومشهد الأسماء والصفات من أجل المشاهد، والمطلع على هذا المشهد يعرف أن الوجود متعلق خلقا وأمرًا بالأسماء الحسنى والصفات العلى ومرتبط بها، وإن كل ما في العالم بما فيه من بعض آثارها ومقتضياتها، فاسمه الحميد المجيد، يمنع ترك الإنسان سدى مهملا معطلا، لا يؤمر ولا ينهي، ولا يثاب ولا يعاقب، وكذلك اسمه (الحكيم) يأبى ذلك، وهكذا فكل اسم من أسمائه له موجبات وله صفات لا ينبغي تعطيلها عن كمالها ومقتضياتها والرب يحب ذاته وأوصافه وأسماؤه، فهو عفو يحب العفو، ويحب المغفرة، ويحب التوبة، ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أعظم فرح يخطر بالبال.