والله سبحانه دعا عباده إلى معرفته بأسمائه وصفاته وأمرهم بشكره ومحبته وذكره وتعبدهم بأسمائه الحسنى وصفات العلى لأن كل اسم له تعبد مختص به، علما ومعرفة وحالا، وأكمل الناس عبودية: المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر فلا يحجبه اسم عن اسم آخر، كما لا يحجبه التعبد باسمه (القدير) عن التعبد باسمه (الحليم الرحيم) أو يحجبه عبودية اسمه (المعطي) عن عبودية اسمه (المانع) أو عبودية اسم (الرحيم، العفو، والغفور) عن اسم المنتقم أو التعبد بأسماء (البر، والإحسان، واللطف) عن أسماء العدل والجبروت، والعظمة والكبرياء وهذه طريقة الكمال من السائرين إلى الله، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: ١٨]، والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء ودعاء التعبد(١) وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنو عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها.
فالله تعالى يحب موجب أسمائه وصفاته، فهو عليم يحب كل عليم وهو (جواد) يحب كل جواد، (وتر) يحب الوتر (جميل) يحب الجمال (عفو) يحب العفو وأهله (حيي) يحب الحياء وأهله (بر) يحب الأبرار (شكور) يحب الشاكرين (صبور) يحب الصابرين (حليم) يحب أهل الحلم، فلمحبته سبحانه للتوبة والمغفرة، والعفو والصفح خلق من يغفر لهم ويتوب عليهم ويعفو عنهم، وقدر عليهم ما يقتضى وقوع المكروه المبغوض له، ليترتب عليه المحبوب له المرضى له(٢).
(٢) انظر: مدارج السالكين (٢/٤٠).