إن أم الكتاب تقرر منهج الوسطية من أولها إلى آخرها وأظهر آية فيها شاهدة بذلك هي قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: ٦] وما بعدها.
وهذه الآية صريحة في تحديد المنهج الوسط، ذلك أنها بينت أن هذا الصراط هو صراط الذين أنعم الله عليهم، قال الطبري -رحمه الله-: (أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وكذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول الشاعر:
إذا اعوج الموارد مستقيم | أمير المؤمنين على صراط |
وقد بين الله لنا أن الصراط المستقيم هو منهج الوسط، حيث قال واصفا الصراط المستقيم (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: ٧] ومنهج المغضوب عليهم يمثل التفريط، بينما يمثل منهج الضالين الإفراط، فهما منهجان دائران بين الغلو والجفاء.
قال ابن كثير -رحمه الله-: (غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين، وهم الذين فقدوا العلم، فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق)(٢).
(١) المرجع السابق (١/٨٤).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (١/٢٩).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (١/٢٩).