فإن المتدبر لا يزال يستفيد من علوم القرآن ومعارفه، ما يزداد به إيمانا، كما قال تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: ٢]، وكذلك إذا نظرنا إلى انتظامه وإحكامه؛ وأنه يصدق بعضه بعضا ويوافق بعضه بعضا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف: تيقن أنه تنزيل من حكيم حميد: (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: ٤٢]، وأنه لو كان من عند غير الله، لوجد فيه –من التناقض والاختلاف- أمورًا كثيرة، قال تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء: ٨٢]، وهذا من أعظم مقويات الإيمان، ويقويه من وجوه كثيرة: فالمؤمن بمجرد ما يتلو آيات الله، ويعرف ما فيها من الأخبار الصادقة، والأحكام الحسنة يحصل له من أمور الإيمان، خير كبير فكيف إذا أحسن تأمله، وفهم مقاصده وأسراره؟! ولهذا كان المؤمنون الكمل يقولن: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) [آل عمران: ١٩٣].
ثالثا: معرفة أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وما تدعو إليه من علوم الإيمان وأعماله:


الصفحة التالية
Icon