وقد سمى الله تعالى الصلاة إيمانا بقوله: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) [البقرة: ١٤٣]، (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: ٤٥]، فحشاء ومنكر ينافي الإيمان، كما أنها تحتوى على ذكر الله الذي يغذى الإيمان وينميه؛ لقوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت: ٤٥]، والزكاة كذلك تنمي الإيمان وتزيده، فرضها ونفلها، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- كونها برهان على إيمان صاحبها فهي تغذي الإيمان وتنميه، والإغراض عن اللغو الذي هو كل كلام لا خير فيه، وكل فعل لا خير فيه –بل يقولون الخير ويفعلونه، ويتركون الشر قولا وفعلا- لا شك أنه من الإيمان ويزداد به الإيمان ويثمر.
ولهذا كان الصحابة -رضي الله عنهما- ومن بعدهم، إذا وجدوا غفلة أو تشعث إيمانهم، يقول بعضهم لبعض "اجلس بنا نؤمن ساعة" فيذكرون الله، ويذكرون نعمه الدينية والدنيوية، فيتجدد بذلك إيمانهم، وكذلك العفة عن الفواحش خصوصا فاحشة الزنى، ولا ريب أن هذا من أكبر علامات الإيمان ومنمياته.
فإن المؤمن ينهي النفس عن الهوى إجابة لدواعي إيمانه وتغذية له، كما أن رعاية العهود والأمانات وحفظها من علامات الإيمان، وإذا أردت أن تعرف إيمان العبد ودينه فانظر حاله: هل يرعى الأمانات كلها مالية أو قولية، أو أمانات الحقوق؟ وهل يرعى الحقوق والعهود والعقود التي بينه وبين الله، والتي بينه وبين العباد؟ إذ لم يكن كذلك نقص من دينه وإيمانه بمقدار ما انتقص من ذلك. وحتما بالمحافظة على الصلوات: حدودها، وحقوقها، وأوقاتها –لأن المحافظة على ذلك بمنزلة الماء الذي يجرى في بستان الإيمان فسيقيه وينميه ويؤتي أكله كل حين.


الصفحة التالية
Icon