الشياطين لا تقصر عن إغوائهم وإيقاعهم في إشراك الهلاك، والمستجيبون لهم لا يقصرون عن طاعة أعدائهم والاستجابة لدعوتهم حتى يقعوا في الهلاك؛ ويحق عليهم الخسار والبوار، و بعد هذا العرض الموجز لمفهوم الإيمان تبين أن ما جاء به القرآن ووضحه سيد الأنام -صلى الله عليه وسلم- هو الصراط المستقيم والاستقامة والاعتدال بعيدا عن ما وقع فيه الملاحدة من الزور والبهتان، ووقع فيه الفلاسفة من تصورات خاطئة مريضة في أسماء الله وصفاته وأفعاله وذاته.
ولقد وقع الناس بين إفراط وتفريط وانكسار وغلو، فأكرم الله البشرية بهذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففي جانب الإيمان بالله تعالى جاء القرآن بالمنهج الوسط الذي تجسدت فيه ملامح الوسطية من حكمة واستقامة واعتدال وعدل وبينية.
وقبل الانتهاء من مبحث الإيمان وأسباب زيادته رأيت من باب الفائدة والحث على استيعاب وفهم هذا الموضوع المهم في حياة الناس أن أتطرق إلى فوائد الإيمان وثمراته كما جاءت في القرآن، موضحا الآثار والفوائد والثمرات العاجلة والآجلة في القلب والبدن والراحة والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، وذكر القرآن الكريم لهذه الفوائد والثمار يرسم لنا الصورة اليانعة الحية في وسطية القرآن في قضية الإيمان.
ثالثاً: فوائد الإيمان وثمراته:
إن من حكمة الله الربانية أن جعل قلوب عباده المؤمنين تحس وتتذوق وتشعر بثمرات الإيمان لتندفع نحو مرضاته والتوكل عليه –سبحانه وتعالى-، فإن شجرة الإيمان إذا ثبتت وقويت أصولها وتفرعت فروعها، وزهت أغصانها، وأينعت أفنانها، عادت على صاحبها وعلى غيره بكل خير عاجل وآجل في الدنيا والآخرة، وثمار الإيمان وثمراته وفوائده كثيرة، قد بينها –سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم فمن أعظم هذه الفوائد والثمار:


الصفحة التالية
Icon