ثالثًا: ومن ثمرات الإيمان أن الله يدفع عن المؤمنين جميع المردة، وينجيهم من الشدائد كما قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) [الحج: ٣٨]، أي يدافع عنهم كل مكروه، يدافع عنهم شر شياطين الإنس وشياطين الجن، ويدافع عنهم الأعداء، ويدافع عنهم المكاره قبل نزولها ويرفعها أو يخفضها بعد نزولها، ولما ذكر تعالى ما وقع فيه يونس -عليه السلام- وأنه: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) قال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: ٨٧-٨٨]، إذا وقعوا في الشدائد؛ نجيناهم كما أنجينا يونس، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دعوة أخي يونس ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه كربته لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وقال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: ٤].
فالمؤمن المتقى ييسر الله له أموره وييسره لليسرى، ويجنبه العسرى، ويسهل عليه الصعاب ويجعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا؛ ويرزقه من حيث لا يحتسب، وشواهد هذا كثيرة من الكتاب والسنة(١).
رابعًا: ومنها أن الإيمان والعمل الصالح الذي هو فرعه يثمر الحياة الطيبة في هذه الدار، وفي دار القرار قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: ٩٧].
ذلك أن من خصائص الإيمان، أنه يثمر طمأنينة القلب وراحته وقناعته بما رزقه الله، وعدم تعلقه بغيره، وهذه هي الحياة الطيبة فإن أصل الحياة الطيبة راحة القلب وطمأنينته، وعدم تشوشه مما يتشوش منه الفاقد للإيمان الصحيح.

(١) التوضيح والبيان (٦٧).


الصفحة التالية
Icon