وهذا لأن الإيمان يحمل صاحبه على التزام الحق واتباعه، علما وعملا وكذلك معه الالة العظيمة والاستعداد لتلقي المواعظ النافعة والآيات الدالة على الحق، وليس عنده مانع يمنعه من قبول الحق، ولا من العمل به.
وأيضًا: فالإيمان يوجب سلامة الفطرة، وحسن القصد، ومن كان كذلك انتفع بالآيات، ومن لم يكن كذلك فلا يستغرب عدم قبولهم للحق واتباعه له، ولهذا يذكر الله- في سياق رفض الكافرين تصديق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقبولهم الحق الذي جاء به- السبب الذي أوجب لهم ذلك وهو الكفر الذي في قلوبهم، لأن الحق واضح وآياته بينة واضحة والكفر أعظم مانع يمنع من أتباعه، أي فلا تستغربوا هذه الحالة، فإنها لم تزل دأب كل كافر(١).
الثاني عشر: ومنها أن الإيمان يقطع الشكوك التي تعرض لكثير من الناس فتضر بدينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) [الحجرات: ١٥]، أي دفع الإيمان الصحيح الريب والشك، وأزالهما بالكلية، وقاوم الشكوك التي تلقيها شياطين الإنس والجن، والنفوس الأمارة بالسوء فليس لهذه العل المهلكة دواء إلا تحقيق الإيمان، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس يسألون حتى يقال هذا: الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله". وفي رواية "فليستعذ بالله ولينته"(٢).

(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان، (١/١١٩).
(٢) المرجع السابق (١/١٢٠).


الصفحة التالية
Icon