دلّ الكتاب والسنة على أصناف الملائكة، وإنها موكلة بأصناف المخلوقات، وأنه سبحانه وكّلَ بالشمس والقمر ملائكة، وبالأفلاك ملائكة، وبالجبال ملائكة، وبالسحاب وبالمطر ملائكة، وبالرحم ملائكة تدب أمر النطفة حتى يتم خَلقْها وبالموت ملائكة، ووكل بكل عبد ملائكة، يحفظونه ووكلّ بكل مخلوق، وبكلّ حوادث الكون وظواهره ملائكة(١).
وهذا لا ينافي ما يلاحظ في الكون من قوانين وأسباب يرتبط بعضها ببعض لأن هذه القوانين والأسباب إنما هي مخلوقات من مخلوقات الله والملائكة موكَّلة بها أيضاً وموكّلة برعايتها كما ترعى المخلوقات الأخرى ولولا إرادة الله في حفظ هذه الأسباب والقوانين، ولو قدره في تسخير الملائكة للحفظ عليها فإن العقل لا يستلزم أبدا بقاءها على هذه الآماد الطويلة في انتظامها وتناسقه(٢).
وأما الإنسان فيدخل بحياته الفطرية في تلك الرعاية التي وكل الله سبحانه الملائكة بها، لأنه مخلوق من مخلوقات الله في الكون بل هو المخلوق الذي سخر الله له ما في الكون كله. قال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ) [لقمان: ٢٠].
وفوق هذا فإن للملائكة أعمالا أخرى في حياة الإنسان الإرادية هدفها كما حده الله لهم هداية البشر، وإسعادهم ومساعدتهم على عبادة الله وعونهم على اختيار الهدى والصلاح وإجتناب الشر والفساد والضلال.
فهم الذين أختارهم رب العالمين لإيصال هداه إلى أهل الأرض عن طريق رسله الكرام والمَلَكُ المختار لهذه المهمة هو جبريل -عليه السلام-.

(١) الإيمان: لمحمد نعيم ياسين (٥٥).
(٢) الإيمان: لمحمد نعيم ياسين (٥٥).


الصفحة التالية
Icon