فبفضله، وهو الكريم الواسع(١) ما للعباد عليه حق واجب
إن عذبوا فبعدله، أو نعموا
إن المتأمل في القرآن الكريم يجد ما من خلق حسن في ميزان الفضائل النفسية، أو الآداب الاجتماعية، أو السلوك الفردي إلا وقد حض عليه، وحشد له كل قوى النفس والعقيدة، وعبأ حوله كل طاقات العبادة والأسوة، وبعث له كل حوافر التنفيذ، وحاطه بالبيان والتفصيل والتشريع، وجعله مسؤولية عامة للفرد والأمة والدولة والحكومة(٢).
وفي هذا المبحث ضربت ثلاثة أمثلة للأخلاق التي حث القرآن عليها من باب الاختصار، وإلا فإن الأخلاق التي حث عليها القرآن لا يكفيها مجلد ضخم في شرحها وتفصيلها.
المبحث العاشر
من الأخلاق الذميمة
يرى بعض العلماء أن الأخلاق الذميمة، بناؤها على أربعة أركان: الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب، ومن هذه الأخلاق تنشأ جميع الأخلاق السيئة، ويوضح ابن القيم -رحمه الله- ذلك فيقول:
(ومنشأ جميع الأخلاق السافلة، وبناؤها على أربعة أركان: الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب).
فالجهل: يريه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن، والكمال نقصا، والنقص كمالا.
والظلم يحمله على وضع الشيء في غير موضعه، في موضع الرضا، ويرضى في موضع الغضب، ويجعل في موضع الأناة، ويبخل في موضع البذل، ويبذل في موضع البخل، ويحجم في موضع الإقدام، ويقدم في موضع الإحجام، ويلين في موضع الشدة، ويشتد في موضع اللين، ويتواضع في موضع العزة، ويتكبر في موضع التواضع.
والشهوة تحمله على الحرص والشح والبخل، وعدم العفة والنهمة والجشع، والذل والدناءات كلها.
والغضب يحمله على الكبر والحقد، والحسد، والعدوان، والسفه.
ويتركب من بين كل خلقين من هذه الأخلاق:
(١) انظر: تهذيب مدارج السالكين: (٢/٦٨٧).
(٢) انظر: المنهاج القرآني في التشريع (٤١٦).


الصفحة التالية
Icon