ومن وسطية القرآن ترهيب الناس من ارتكاب الظلم بأنواعه، وبيان عاقبة الظلمة ومصيرهم الحتمي في الدنيا والآخرة، بضرب أمثلة للشعوب، والأمم والأفراد الذين انغمسوا في مستنقع الظلم الآسن، وكيف كان مآلهم ومرجعهم، وحث القرآن الكريم عبادة المؤمنين على ترك الظلم بأنواعه، والابتعاد عنه والرجوع والتوبة والإنابة إلى الله تعالى، بل حذر القرآن الكريم عباده المتقين من الدخول على الظلمة ومخالطتهم والركون إليهم.
قال تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود: ١١٣]، فيصيبكم لفحها: (وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) [هود: ١١٣]، أي ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله: (ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) [هود: ١١٣] لا تمنعون من عذابه.
٢- ذم خلق الكبرياء:
ومن وسطية القرآن ذم الأخلاق السيئة، وحث الناس على تركها وتخويفهم من فعلها، ومن أمثلة الأخلاق التي حذر القرآن من فعلها الكبرياء وجعلها رذيلة من الرذائل الاجتماعية لكونها تغرس الفرقة والعداوة بين الأفراد فتقضي على التعاون والمحبة بينهم.
والكبرياء لا تصرفنا عن محبة بعضنا البعض فقط، بل وتجعل إصلاح بعضنا لبعض أمرًا عسيرا، وذلك بتعامي المتكبر عن نقائصه وعيوبه، وتقدير نفسه فوق قدرها، وصم أذنيه عن سماع كل حديث فيه نقدا بناء لشخصه، ويفرح لكل حديث فيه مدح وتملق من مادحيه، لأن من أعجبته نفسه أبي أن يسمع النصيحة من غيره فيكون ذلك حائلا بينه وبين الاستفادة من علم العلماء واقتباس الفضيلة من الفضلاء فينزل إلى هوة من الجهل والضلال.


الصفحة التالية
Icon