منها: أن المرأة الواحدة تحيض وتمرض، وتنفس، إلى غير ذلك من العوائق المانعة من قيامها بأخص لوازم الزوجية، والرجل مستعد للتسبب في زيادة الأمة، فلو حبس عليها في أحوال أعذارها لعطلت منافعه باطلا في غير ذنب.
ومنها: أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عددًا من النساء في أقطار الدنيا، وأكثر تعرضا لأسباب الموت منهن في جميع ميادين الحياة، فلو قصر الرجل على واحدة لبقي عدد ضخم من النساء محروما من الزواج، فيضطرون إلى ركوب الفاحشة، فالعدل عن هدي القرآن في هذه المسألة من أعظم أسباب ضياع الأخلاق، والانحطاط إلى درجة البهائم في عدم الصيانة والحافظة على الشرف والمروءة، والأخلاق، فسبحان الحكيم الخبير، كتاب أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
ومنها: أن الإناث كلهن مستعدات للزواج، وكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم، فالمستعدون للزوج من الرجال أقل من المستعدات له من النساء، لأن المرأة لا عائق لها، والرجل يعوقه الفقر وعدم القدرة على لوازم النكاح، فلو قصر الواحد على الواحدة، لضاع كثير من المستعدات للزواج أيضًا بعدم وجود أزواج؛ فيكون ذلك سببا لضياع الفضيلة وتفشي الرذيلة، والانحطاط الأخلاقي، وضياع القيم الإنسانية، كما هو واضح، فإن خاف الرجل ألا يعدل بينهن، وجب عليه الاقتصار على واحدة، أو ما ملكت يمينه؛ لأن الله يقول: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ) [النحل: ٩٠]، والميل بالتفضيل في الحقوق الشرعية بينهن لا يجوز لقوله تعالى: (فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) [النساء: ١٢٩].


الصفحة التالية
Icon