٢- أ، جب العدل والمساواة بين الزوجات، في جميع الحقوق التي في إمكان الزوج كالمبيت، والجماع، والنفقة، والمسكن، وغير ذلك، ولم يستثن من ذلك إلا (الميل القلبي) الذي لا يملكه أحد، بشرط ألا يكون له تأثير في المعاملة الظاهرة، ولذلك حث الله تعالى من يخشى التقصير على اجتناب التعدد، فقال تعالى في ختام الآية السابقة: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا ) [النساء: ٣]، فجعل الله تعالى العدل أمرًا لازما يتحرى بقدر الوسع والطاقة كما قال تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) [النساء: ١٢٩].
ذلك لأن العدل الكامل المطلق غير مستطاع، خاصة ميل القلب، فأمر الله تعالى بالعدل الممكن، الذي لا يترخص فيه صاحبه، ولا يتنطع(١).
وبهذا يستبين خطأ الذين قالوا: إن العدل شرط لصحة التعدد، وقد نفى الله القدرة عليه، وبالتالي فهو نفي لإباحة التعدد، وهذا خطأ في التأويل، واعتساف في التفسير، وفي ظني أن القائلين بهذا أرادوا الدفاع عن الإسلام في وجه مهاجميه خاصة في أواخر القرن الماضي وما تلاه، حين اشتدت موجة الهجوم والتشكيك على الإسلام.