وقد استنبط الفقهاء من الحديث السابق ومن قوله تعالى: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة: ٢٢٩]، أحكاما تدل على عدل الإسلام وحرصه على رفع الظلم الواقع بالمرأة، ولذلك جعلوا للخلع شروطا منها.
١- أن يكون البغض من الزوجة، فإن كان الزوج هو الكاره لها فليس له أن يأخذ منها فدية، وإنما عليه أن يصبر عليها، أو يطلقها إن خاف ضررا.
٢- أن تطالب الزوجة بالخلع حتى تبلغ درجة من الضرر، تخاف معها أن لا يقيما حدود الله في نفسها أو في حقوق زوجها.
٣- أن لا يتعمد الزوج أذية الزوجة حتى تخالع منه، فإن فعل فلا يحل له أن يأخذ منها شيئا أبدًا، وهو عاص والخلع ينفذ طلاقا بائنا، فلو أراد مراجعتها لا يحل له إلا بعد عقد جديد(١).
ومن أراد الاستزادة فعليه بمراجعة كتب الفقه، وقد جعلت الشريعة للمرأة الحق في طلب الطلاق إذا امتنع الزوجة من خلع زوجته بشرط أن يكون لها سبب شرعي مثل: أن يكون بالزوج عيب مستحكم لا يمكن البرء منه، أو يمكن، ولكن بعد زمن طويل، ولا تقبل المقام معه، كالجنون والجذام والبرص، أو غاب عنها زوجها سنة فأكثر، أو ليست له المقدرة على إمتاع زوجته جنسيا وغير ذلك من الأسباب التي دونت عند الفقهاء(٢).
خامسا: حماية الشريعة للزوجة في باب الطلاق:
وإذا كانت الشريعة قد أعطت الرجل الطلاق مطلقا من كل قيد فإنها قد فرضت عليه في مقابل ذلك واجبات قصد منها حماية الزوجة وحفظ مصلحتها. والطلاق إما أن يكون قبل الدخول، وقبل فرض مهر للزوجة، وإما أن يكون قبل الدخول وبعد فرض مهر للزوجة، وإما أن يكون بعد الدخول، وفي كل حال من هذه الحالات ألزمت الشريعة الرجل بالتزامات لا مفر منها عليه أن يؤديها للمرأة، وهذه الالتزامات تعتبر من ناحية تعويضا للمرأة كما أنها من ناحية أخرى تحمل الرجل على أن يفكر كثيرا قبل استعمال حق الطلاق.

(١) منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري (٥٧٥).
(٢) انظر: روح الدين الإسلامي (٣٨٥).


الصفحة التالية
Icon