إنها آيات ثلاث ولكنها جمعت –على وجازتها- أصول علم الفرائض، وأركان أحكام الميراث، فمن أحاط بهما فهما وحفظًا، وإدراكا فقد سهل عليه معرفة نصيب كل وارث، وأدرك حكمة الله الجليلة في قسمة الميراث على هذا الوجه الدقيق العادل، الذي لم ينس فيه حق أحد، ولم يغفل من حسابه شأن الصغير والكبير، والرجل والمرأة، وأدق أصول العدل، ووزع التركة بين المستحقين توزيعا عادلا حكيما، بشكل لم يدع فيه مقالة لمظلوم، أو شكوى لضعيف أو رأيًا لتشريع من التشاريع الأرضية، يهدف إلى تحقيق العدالة أو رفع الظلم عني بني الإنسان(١).
وكل ما كتبه العلماء في القديم والحديث، وكل ا ألفوه في علم المواريث فإنما هو بيان وتوضيح لهذه الآيات الكريمة، التي جمعت فأوعت، وقسمت فعدلت، وأحكمت التشريع، وفصلت التوزيع، وأبانت لكل ذي حق حقه، دون محاباة، أو مداراة، فسبحان من شرع الأحكام في كتابه المعجز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من بين خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وجلت حكمة الله وتشريعه الكامل الخالد أن يدانيه بشر(٢) وصدق الله: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا) [النساء: ١١].
آيات مجملة تشير إلى حقوق الورثة بدون تفصيل:
وردت آيات كريمة، في شأن المواريث غير هذه الآيات الثلاث، ولكنها مجملة تشير إلى حقوق الورثة بدون تفصيل، وتوضيح أن للأقرباء حقا في الإرث، دون تحديد أو بيان لمقدار كل وارث، والآيات التي أشارت إلى الإرث هي:
أولا: قوله تعالى: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال: ٧٥].

(١) المواريث في الشريعة (١٤).
(٢) المرجع السابق (١٥).


الصفحة التالية
Icon