(وَلَكِن يُّؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ) [المائدة: ٨٩].
والوسطية في هذه الآية من ثلاثة وجوه:
١- أن إطعام المساكين يراعي فيه نوعية الطعام أو الكسوة الوسط في ذلك، وجعل المقياس الذي يرجع إليه في اختيار هذا الوسط إطعام الرجل لأهله أو كسوتهم، فينظر في ذلك ويخرج الوسط منه.
وفي هذا تتحقق الوسطية من وجهين أيضًا:
الأول: مراعاة الوسط في حق كل إنسان، فلم يؤخذ من أعلى ماله أو أدناه؛ بل الوسط منه، مراعاة للفقير أيضًا.
الثاني: مراعاة الفرق بين حال الغني والفقير والمتوسط، وهذا فيه معنى الوسطية ما فيه، فلم يأت الحكم بالتسوية بينهم.
٢- أنه جعل الكفارة تدور على ثلاثة أمور: إما الإطعام، أو الكسوة، أو الإعتاق، والحالف مخير بينها دون إلزام بواحد منها، وهذا فيه من التوسعة والتيسير ما لا يخفى.
٣- إذا لم يجد الحالف أو لم يستطع على أي نوع من هذه الثلاثة انتقل إلى الصيام، وهذه رحمة من الله وتوسعة على عباده وبهذا اجتمعت أطراف الوسطية في هذه القضية، وهي قضية جزئية يسيرة(١).
المبحث الثامن
وسطية القرآن في حل طعام أهل الكتاب ونسائهم
وكذلك نلحظ الوسطية في التشريع في حل طعام أهل الكتاب وجواز نكاح نسائهم والوسطية تبرز في موضوع الطعام وموضوع النكاح من أهل الكتاب مما لا يحتاج إلى شرح، وسوف أبين الحكمة من هذا التشريع.

(١) انظر: الوسطية في ضوء القرآن (١٦٦).


الصفحة التالية
Icon