إن في القرآن الكريم عدة توجيهات ومبادئ إصلاحية كانت ولا تزال هي حج الأساس، التي يقوم عليها صرح العبادة الشعائرية في الإسلام.
إن الأخلاق القرآنية نمط فريد لا يقاربه ولا يدانيه شيء من حكم الحكماء، أو نظر الفلاسفة، أو شرائع المشرعين أو عادات الأمم وآدابها، إلا أن تكون بقية من الوحي الرباني بقيت بين الناس، أو أثرا من سلامة الفطرة التي فطر الله عليها الناس.
إن القرآن الكريم وسط في باب الأخلاق بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكا أو شبه ملاك، فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له، وبين غلاة الواقعيين، الذين حسبوه حيوانا أو كالحيوان.
إن الأخلاق في القرآن الكريم لم تدع جانبا من جوانب الحياة الإنسانية: روحية، أو جسمية، أو دينية، أو دنيوية، أو عقلية، أو عاطفية، أو فردية، أو اجتماعية، إلا رسمت له المنهج الأمثل، للسلوك الرفيع.
إن من وسطية القرآن في الأخلاق إقرار التفاوت الفطري والعلمي بين الناس، فليس كل الناس في درجة واحدة من حيث قوة الإيمان، والالتزام بما أمر الله به من أوامره، والانتهاء عما نهى عنه من نواه والتقيد بالمثل العليا.
إن الأخلاق ليست شيئا ثانويا في هذا الدين، وليست محصورة في نطاق معين من نطاق السلوك البشري، إنما هي ركيزة من ركائزه، كما أنها شاملة للسلوك البشري كله.
إن الأخلاق الرفيعة ثمرة طبيعية للعقيدة الصحيحة، وكذلك العبادة الحية الخاشعة لله من ثمار العقيدة الصحيحة.
تتضح وسطية القرآن في مجال التشريع في إباحة تعدد الزوجات بالشروط والحدود التي ذكرها المولى -عز وجل-، وكذلك في إباحة الطلاق وأحكام المواريث والأخذ بسنة التدرج في التشريع.
* * *
فهرس المصادر والمراجع
أولا: القرآن الكريم:
ثانيا: المصادر والمراجع العامة:
أن قيم الجوزية حياته وآثاره، بكر بن عبد الله أبو زيد، مكتبة المعارف، الرياض الطبعة الثانية ١٤٠٥هـ/١٩٨٥م.


الصفحة التالية
Icon