فأحمر عندهم من صفات البسر، إلا أنه لما قطعته عن إعرابه نصبته على القطع وكان أصله من البسر الأحمر، كذلك قالوا: ما أراد الله بهذا المثل. فلما لم يجر على إعراب هذا، انتصب مثلاً على القطع، وإذا قلت: عبد الله في الحمام عرياناً، ويجيء زيد راكباً، فهذا ونحوه منصوب على القطع عند الكسائي. وفرق الفراء فزعم أن ما كان فيما قبله دليل عليه فهو المنصوب على القطع، وما لا فمنصوب على الحال، وهذا كله عند البصريين منصوب على الحال، ولم يثبت البصريون النصب على القطع. والاستدلال على بطلان ما ذهب إليه الكوفيون مذكور في مبسوطات النحو، والمختار انتصاب مثل على التمييز، وجاء على معنى التوكيد لأنه من حيث أشير إليه علم أنه مثل، فجاء التمييز بعده مؤكداً للاسم الذي أشير إليه.
اختار بعض المعربين والمفسرين أن يكون قوله تعالى: ﴿يضلّ به كثيراً ويهدي به كثيراً﴾ في موضع الصفة لمثل.
﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَسِقِينَ﴾ والفاسقين: مفعول يضلّ لأنه استثناء مفرغ، ومنع أبو البقاء أن يكون منصوباً على الاستثناء. ويكون مفعول يضل محذوفاً تقديره: وما يضل به أحداً إلا الفاسقين، وليس بممتنع، وذلك أن الاسم بعد إلا: إما أن يفرغ له العامل، فيكون على حسب العامل نحو: ما قام إلا زيد، وما ضربت إلا زيداً، وما مررت إلا بزيد، إذا جعلت زيداً وبزيد معمولاً للعامل قبل لا، أو لا يفرغ. وإذا لم يفرغ، فأما أن يكون العامل طالباً مرفوعاً، فلا يجوز إلا ذكره قبل إلا، وإضماره إن كان مما يضمر، أو منصوباً، أو مجروراً، فيجوز حذفه لأنه فضلة وإثباته. فإن حذفته كان الاسم الذي بعد إلا منصوباً على الاستثناء فتقول: ما ضربت إلا زيداً، تريد ما ضربت أحداً إلا زيداً، وما مررت إلا عمراً، تريد ما ضربت أحداً إلا زيداً، وما مررت إلا عمراً، قال الشاعر:
نجا سالم والنفس منه بشدقه
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا