﴿هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الأٌّرْضِ جَمِيعاً﴾ ولكم: متعلق بخلق، واللام فيه، قيل: للسبب، أي لأجلكم ولانتفاعكم، وقدر بعضهم لاعتباركم. وقيل: للتمليك والإباحة، فيكون التمليك خاصاً، وهو تمليك ما ينتفع الخلق به وتدعو الضرورة إليه. وقيل: للاختصاص، وهو أعم من التمليك، والأحسن حملها على السبب فيكون مفعولاً من أجله.
وانتصب جميعاً على الحال من المخلوق، وهي حال مؤكدة لأن لفظة ما في الأرض عام، ومعنى جميعاً العموم.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ وقد أعرب بعضهم سبع سموات بدلاً من الضمير على أن الضمير عائد على ما قبله، وهو إعراب صحيح، نحو: أخوك مررت به زيد، وأجازوا في سبع سموات أن يكون منصوباً على المفعول به، والتقدير: فسوى منهن سبع سموات، وهذا ليس بجيد من حيث اللفظ ومن حيث المعنى. أما من حيث اللفظ فإن سوى ليس من باب اختار، فيجوز حذف حرف الجر منه في فصيح الكلام، وأما من حيث المعنى فلأنه يدل على أن السموات كثيرة، فسوى منهن سبعاً، والأمر ليس كذلك، إذ المعلوم أن السموات سبع. وأجازوا أيضاً أن يكون مفعولاً ثانياً لسوى، ويكون معنى سوى: صير، وهذا ليس بجيد، لأن تعدي سوى لواحد هو المعلوم في اللغة، ﴿فسواك فعدلك﴾ (الانفطار: ٧)، قادرين على أن نسوّي بنانه} (القيامة: ٤). وأما جعلها بمعنى صير، فغير معروف في اللغة. وأجازوا أيضاً النصب على الحال، فتلخص في نصب سموات أوجه البدل باعتبارين، والمفعول به، ومفعول ثان، وحال، والمختار البدل باعتبار عود الضمير على ما قبله والحال، ويترجح البدل بعدم الاشتقاق.


الصفحة التالية
Icon