والخلاف الذي أشرنا إليه هو أنك إذا قلت: قام القوم إلا زيداً، فمذهب الكسائي أن التخريج من الاسم، وأن زيداً غير محكوم عليه بقيام ولا غيره، فيحتمل أن يكون قد قام، وأن يكون غير قائم. ومذهب الفراء أن الاستثناء من القول، والصحيح مذهبنا، وهو أن الاسم مستثنى من الاسم وأن الفعل مستثنى من الفعل. ودلائل هذه المذاهب مذكورة في كتب النحو، ومفعول أبى محذوف لأنه يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد، قال الشاعر:
أبى الضيم والنعمان يحرق نابه
عليه فأفضى والسيوف معاقله
والتقدير: أبى السجود، وأبى من الأفعال الواجبة التي معناها النفي، ولهذا يفرغ ما بعد إلا كما يفرغ الفعل المنفي، قال تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ (التوبة: ٣٢) }، ولا يجوز: ضربت إلا زيداً على أن يكون استثناء مفرغاً لأن إلا لا تدخل في الواجب، وقال الشاعر:
أبى الله إلا عدله ووفاءه
فلا النكر معروف ولا العرف ضائع
﴿وَقُلْنَا يَاءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّلِمِينَ﴾.
﴿رغداً﴾ : أي واسعاً كثيراً لا عناء فيه، قال امرؤ القيس:
بينما المرء تراه ناعماً
يأمن الأحداث في عيش رغد


الصفحة التالية
Icon