﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى﴾ وإن شرطية وما زائدة بعدها للتوكيد، والنون في يأتينكم نون التوكيد، وكثر مجيء هذا النحو في القرآن: ﴿فإما ترين﴾ (مريم: ٢٦)، وإما ينزغنك} (الأعراف: ٢٠٠)، فإما نذهبن} (الزخرف: ٤١). قال أبو العباس المهدوي: إن: هي، التي للشرط زيدت عليها ما للتأكيد ليصح دخول النون للتوكيد في الفعل، ولو سقطت، يعني ما لم تدخل النون، فما تؤكد أول الكلام، والنون تؤكد آخره. وتبعه ابن عطية في هذا فقال: فإن هي للشرط، دخلت ما عليها مؤكدة ليصح دخول النون المشددة، فهي بمثابة لام القسم التي تجيء لمجيء النون، انتهى كلامه. وهذا الذي ذهبا إليه من أن النون لازمة لفعل الشرط إذا وصلت إن بما، هو مذهب المبرد والزجاج، زعما أنها تلزم تشبيهاً بما زيدت للتأكيد في لام اليمين نحو: والله لأخرجن. وزعموا أن حذف النون إذا زيدت ما بعد إن ضرورة. وذهب سيبويه والفارسي وجماعة من المتقدمين إلى أن ذلك لا يختص بالضرورة، وأنه يجوز في الكلام إثباتها وحذفها، وإن كان الإثبات أحسن. وكذلك يجوز حذف ما وإثبات النون، قال سيبويه في هذه المسألة: وإن شئت لم تقحم النون، كما أنك إن شئت لم تجيء بما، انتهي كلامه. وقد كثر السماع بعدم النون بعد إما، قال الشنفري:
فإما تريني كابنة الرمل ضاحياً
على رقة أحفى ولا أتنعل}
وقال آخر:
يا صاح إما تجدني غير ذي جدة
فما التخلي عن الإخوان من شيمي
وقال آخر:
زعمت تماضر أنني إما أمت
تسددا بينوها الأصاغر خلتي
والقياس يقبله، لأن ما زيدت حيث لا يمكن دخول النون، نحو قول الشاعر:
إمّا أقمت وإمّا كنت مرتحلاً
فالله يحفظ ما تبقى وما تذر
فكما جاءت هنا زائدة بعد أن، فكذلك في نحو: إما تقم يأتينكم، مبني مفتوح الآخر. واختلف في هذه الفتحة أهي للبناء، أم بني على السكون وحرك بالفتحة لالتقاء الساكنين: وقد أوضحنا ذلك في كتابنا المسمى «بالتكميل لشرح التسهيل».