ويحتمل أن تكون شهادة عليهم بعلم حق مخصوص في أمر محمد صلى الله عليه وسلّم ولم يشهد لهم بعلم على الإطلاق، قال: ولا تكون الجملة على هذا في موضع الحال، انتهى. يعني أن الجملة تكون معطوفة، وإن كانت ثبوتية على ما قبلها من جملة النهي، وإن لم تكن مناسبة في الإخبار على ما قررناه من الكلام في تخريجنا لقراءة عبد الله: وتكتمون.
والأظهر من هذه الأقاويل ما قدّمناه أوّلاً من كون العلم حذف مفعوله حذف اقتصار.
﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَجِعُونَ﴾.
والفعل منه: أمر يأمر، على: فعل يفعل، وتحذف فاؤه في الأمر منه بغير لام، فتقول: مر زيداً وإتمامه قليل، أو مر زيداً، فإن تقدم الأمر واو أو فاء، فإثبات الهمزة أجود، وهو مما يتعدّى إلى مفعولين: أحدهما بنفسه، والآخر بحرف جر. ويجوز حذف ذلك الحرف، وهو من أفعال محصورة تحذف من ثاني مفعوليها حرف الجر جوازاً تحفظ ولا يقاس عليها. ﴿بالصبر﴾ صبر يصبر على فعل يفعل، وأصله أن يتعدى لواحد. قال الشاعر:
فصبرت عارفة لذلك حرّة
ترسو إذا نفس الجبان تطلع
وقد كثر حذف مفعوله حتى صار كأنه غير متعدّ. وفي كلا الاستعمالين يدخل على ما أصله المبتدأ والخبر بالشروط التي ذكرت في النحو، خلافاً لأبي زيد السهيلي، إذ زعم أنها ليست من نواسخ الابتداء. والظنّ أيضاً يستعمل بمعنى: التهمة، فيتعدى إذ ذاك لواحد، قال الفراء: الظنّ يقع بمعنى الكذب، والبصريون لا يعرفون ذلك.
﴿وَتَنسَوْنَ﴾ : معطوف على تأمرون.
﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ الجملة حالية.