﴿وَإِذْ نَجَّيْنَكُم مِّنْءَالِ فِرْعَوْنَ﴾ : تقدم الكلام على إذ في قوله: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل﴾ (البقرة: ٣٠). ومن أجاز نصب إذ هناك مفعولاً به بإضمار اذكر أو ادّعى زيادتها، فقياس قوله هناك إجازته هنا، إذ لم يتقدم شيء تعطفه عليه إلا أن ادّعى مدّع أن إذ معطوفة على معمول اذكروا، كأنه قال: اذكروا نعمتي وتفضيلي إياكم، ووقت تنجيتكم. ويكون قد فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة الاعتراض التي هي: واتقوا يوماً}. وقد قدمنا أنا لا نختار أن يكون مفعولاً به بأذكر، لا ظاهرة ولا مقدرة، لأن ذلك تصرف فيها، وهي عندنا من الظروف التي لا يتصرف فيها إلا بإضافة اسم زمان إليها على ما قرر في النحو. وإذا كان كذلك، فالذي نختاره أن ينتصب على الظرف، ويكون العامل فيه فعلاً محذوفاً يدل عليه ما قبله، تقديره: وأنعمنا عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون، وتقدير هذا الفعل أولى من كل ما قدمناه.
﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ : يحتمل أن تكون هذه الجملة مستأنفة، وهي حكاية حال ماضية، ويحتمل أن تكون في موضع الحال: أي سائميكم، وهي حال من آل فرعون. ﴿وسوء العذاب﴾ : أشقه وأصعبه وانتصابه، مبني على المراد بيسومونكم، وفيه للمفسرين أقوال: السوم: بمعنى التكليف أو الإبلاء، فيكون سوء العذاب على هذا القول مفعولاً ثانياً السام، أي يكلفونكم.
وعلى هذه الأقوال غير القولين الأولين يكون ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ مفعولاً على إسقاط حرف الجر. وقال بعض الناس: ينتصب سوء العذاب نصب المصدر، ثم قدره سوماً شديداً.
﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ﴾ ويذبحون بدل من يسومونكم، بدل الفعل من الفعل، نحو قوله تعالى: ﴿يلق أثاماً يضاعف له العذاب﴾ (الفرقان: ٦٨)، وقول الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
تجد حطباً جزلاً وناراً تأججا}