﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ ويحتمل اتخذ هنا أن تكون متعدية لواحد، أي صنعتم عجلاً، كما قال: ﴿واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار﴾ (الأعراف: ١٤٨)، على أحد التأويلين، وعلى هذا التقدير: يكون ثم جملة محذوفة يدل علىها المعنى، وتقديرها: وعبدتموه إلهاً، ويحتمل أن تكون مما تعدّت إلى اثنين فيكون المفعول الثاني محذوفاً لدلالة المعنى، التقدير: ثم اتخذتم العجل إلهاً، والأرجح القول الأوّل، إذ لو كان مما يتعدّى في هذه القصة لاثنين لصرح بالثاني، ولو في موضع واحد، ألا ترى أنه لم يعد إلى اثنين بل إلى واحد في هذا الموضع، وفي: اتخذ قوم موسى} (الأعراف: ١٤٨)، وفي: اتخذوه وكانوا ظالمين} (الأعراف: ١٤٨)، وفي: إن الذين اتخذوا العجل} (الأعراف: ١٥٢)، وفي قوله في هذه السورة أيضاً: إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل} (البقرة: ٥٤)، لكنه يرجح القول الثاني لاستلزام القول الأوّل حذف جملة من هذه الآيات، ولا يلزم في الثاني إلا حذف المفعول، وحذف المفرد أسهل من حذف الجملة.
﴿وأنتم ظالمون﴾ : جملة حالية.
﴿وَإِذْءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ وَالْفُرْقَانَ﴾ أو القرآن. والمعنى أن الله آتى موسى ذكر نزول القرآن على محمد صلى الله عليه وسلّمحتى آمن به، حكاه ابن الأنباري، أو القرآن على حذف مفعول، التقدير: ومحمداً الفرقان، وحكي هذا عن الفراء وقطرب وثعلب، وقالوا: هو كقول الشاعر:
وزججن الحواجب والعيونا
التقدير: وكحلن العيون. ورد هذا القول مكي والنحاس وجماعة، لأنه لا دليل على هذا المحذوف، ويصير نظير: أطعمت زيداً خبزاً ولحماً، ويكون: اللحم أطعمته غير زيد، ولأن الأصل في العطف أنه يشارك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم السابق، إذا كان العطف بالحروف المشتركة في ذلك، وليس مثل ما مثلوا به من: وزججن الحواجب والعيون، لما هو مذكور في النحو.