﴿مِن بَقْلِهَا﴾ : هذا بدل من قوله: ﴿مما تنبت الأرض﴾، على إعادة حرف الجرّ، وهو فصيح في الكلام، أعني أن يعاد حرف الجرّ في البدل. فمن على هذا التقدير تبعيضية، كهي في مما تنبت، ويتعلق بيخرج، إمّا الأولى، وإمّا أخرى مقدّرة على الخلاف الذي في العامل في البدل، هل هو العامل الأول، أو ذلك على تكرار العامل؟ والمشهور هذا الثاني، وأجاز المهدويّ أيضاً، وابن عطية، وأبو البقاء أن تكون من في قوله: ﴿من بقلها﴾ لبيان الجنس، وعبر عنها المهدويّ بأنها للتخصيص، ثم اختلفوا، فقال أبو البقاء: موضعها نصب على الحال من الضمير المحذوف تقديره: مما تنبته الأرض كائناً من بقلها، وقدّم ذكر هذا الوجه قال: ويجوز أن تكون بدلاً من ما الأولى بإعادة حرف الجر. وأما المهدوي، وابن عطية فزعما مع قولهما: إن من في ﴿من بقلها﴾ بدل من قوله: ﴿مما تنبت﴾، وذلك لأن من في قوله ﴿مما تنبت﴾ للتبعيض، ومن في قوله ﴿من بقلها﴾ على زعمهما لبيان الجنس. فقد اختلف مدلول الحرفين، واختلاف ذلك كاختلاف الحرفين، فلا يجوز البدل إلا إن ذهب ذاهب إلى أن من في قوله: ﴿مما تنبت الأرض﴾ لبيان الجنس، فيمكن أن يفرّع القول بالبدل على كونها لبيان الجنس. والمختار ما قدّمناه من كون من في الموضعين للتبعيض، وأمّا أن تكون لبيان الجنس، فقد أباه أصحابنا وتأوّلوا ما استدلّ به مثبت ذلك.


الصفحة التالية
Icon