و ﴿يود أحدهم﴾ صفة لمبتدأ محذوف، أي ومن الذين أشركوا قوم يود أحدهم، وهذا من المواضع التي يجوز حذف الموصوف فيها، كقوله تعالى: ﴿وما منا إلا له مقام معلوم﴾ (الصافات: ١٦٤)، وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} (النساء: ١٥٩)، وكقول العرب: منا ظعن ومنا أقام، وعلى أن تكون الواو في ومن الذين أشركوا} لعطف المفرد على المفرد، قالوا: ويكون قوله: ﴿يود أحدهم﴾ جملة في موضع الحال، أي وادًّا أحدهم، قالوا: ويكون حالاً من الذين، فيكون العامل أحرص المحذوف، أو من الضمير في أشركوا، فيكون العامل أشركوا. ويجوز أن يكون حالاً من الضمير المنصوب في ﴿ولتجدنهم﴾، أي ولتجدنهم الأحرصين على الحياة وادًّا أحدهم، ويجوز أن يكون استئناف إخبار عنهم يبين حال أمرهم في ازدياد حرصهم على الحياة.
﴿لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ : مفعول الودادة محذوف تقديره: يود أحدهم طول العمر. وجواب لو محذوف تقديره: لو يعمر ألف سنة لسر بذلك، فحذف مفعول يود لدلالة لو يعمر عليه، وحذف جواب لو لدلالة يود عليه. هذا هو الجاري على قواعد البصريين في مثل هذا المكان. وذهب بعض الكوفيين وغيرهم في مثل هذا إلى أن لو هنا مصدرية بمعنى أن، فلا يكون لها جواب، وينسبك منها مصدر هو مفعول يود، كأنه قال: يود أحدهم تعمير ألف سنة. فعلى هذا القول لا يكون في الكلام حذف، وعلى القول الأول لا يكون لقوله: ﴿لو يعمر ألف سنة﴾ محل إعراب. وعلى القول الثاني محله نصب على المفعول، كما ذكرنا، والترجيح بين القولين هو مذكور في علم النحو.
ولا تحتاج لو، إذا كانت للتمني، إلى جملة جوابية، لأن معناها معنى: يا ليتني أعمر، وتكون إذ ذاك الجملة في موضع مفعول على طريق الحكاية. فتلخص بما قررناه في لو ثلاثة أقوال: أن تكون حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره، وأن تكون مصدرية، وأن تكون للتمني محكية.


الصفحة التالية
Icon