﴿وَلَقَدْ عَلِمُواْ﴾ وعلم: هنا يحتمل أن تكون المتعدية لمفعولين، وعلقت عن الجملة، ويحتمل أن يكون المتعدية لمفعول واحد، وعلقت أيضاً كما علقت عرفت. والفرق بين هذين التقديرين يظهر في العطف على موضعها. واللام في: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ هي لام الابتداء، وهي المانعة من عمل علم، وهي أحد الأسباب الموجبة للتعليق، وأجازوا حذفها، وهي باقية على منع العمل، وخرجوا على ذلك:
إني وجدت ملاك الشيمة الأدب
يريد لملاك الشيمة. ومن هنا موصولة، وهي مرفوعة بالابتداء. والجملة من قوله: ﴿مَا لَهُ فِى الأٌّخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ﴾ في موضع الخبر. واللام في لقد للقسم. هذا مذهب سيبويه وأكثر النحويين. وجملة ﴿ولقد علموا﴾ مقسم عليها التقدير: والله لقد علموا. والجملة الثانية عنده غير مقسم عليها. وأجاز الفراء أن تكون الجملتان مقسماً عليهما، وتكون من للشرط، وتبعه في ذلك الحوفي وأبو البقاء. قال أبو البقاء: اللام في ﴿لمن اشتراه﴾ هي التي يوطأ بها القسم مثل: ﴿لئن لم تنته﴾ (مريم: ٤٦) (الشعراء: ١٦٦ ١٦٧)، ومن في موضع رفع بالابتداء، وهي شرط وجواب القسم ما له في الآخرة من خلاق}. انتهى كلامه. فاشتراه في القول الأول صلة، وفي هذا القول خبر عن من، ويكون إذ ذاك جواب الشرط محذوفاً يدل عليه جواب القسم، لأنه اجتمع قسم وشرط، ولم يتقدّمهما ذو خبر، فكان الجواب للسابق، وهو القسم، ولذلك كان فعل الشرط ماضياً في اللفظ. هذا هو تقرير هذا القول وتوضيحه. وفي كلا القولين يكون: ﴿لمن اشتراه﴾، في موضع نصب: بيعلموا. وقد نقل عن الزجاج ردّ قول من قال من شرط، وقال هذا ليس موضع شرط، ولم ينقل عنه توجيه، كونه ليس موضع شرط. وأرى المانع من ذلك أن الفعل الذي يلي من هو ماض لفظاً ومعنى، لأن الاشتراء قد وقع، وجعله شرطاً لا يصح، لأن فعل الشرط إذا كان ماضياً لفظاً، فلا بد أن يكون مستقبلاً في المعنى. فلما كان كذلك، كان ليس موضع شرط.


الصفحة التالية
Icon