وإلجائهم إليه تعالى، وأن كلاً من الفعلين يضمن ضمير الله تعالى، وذلك لا يجوز إلا على بعد، بأن يكون بعد الفاء قول محذوف فيه ضمير لله تعالى، أي قال إبراهيم: وارزق من كفر، فقال الله: أمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار. ثم ناقض الزمخشري قوله هذا، أنه عطف على من، كما عطف ومن ذريتي على الكاف في جاعلك.
فظاهر قوله والمعنى: وارزق من كفر فأمتعه يدل على أن الضمير في قال، ومن كفر عائد على الله، وأن من كفر منصوب بارزق الذي هو فعل مضارع مسند إلى الله تعالى، وهو يناقض ما قدم أولاً من أن من كفر معطوف على من آمن.
وانتصاب ﴿قليلاً﴾ على أنه صفة لظرف محذوف، أي زماناً قليلاً، أو على أنه صفة لمصدر محذوف، أي تمتيعاً قليلاً، على تقدير الجمهور، أو على الحال من ضمير المصدر المحذوف، الدال عليه الفعل، وذلك على مذهب سيبويه.
وقراءة يحيى بن وثاب: ثم إضطره بكسر الهمزة. قال ابن عطية، على لغة قريش، في قولهم: لا إخال، يعني بكسر الهمزة. وظاهر هذا النقل في أن ذلك، أعني كسر الهمزة التي للمتكلم في نحو اضطر، وهو ما أوله همزة وصل. وفي نحو إخال، وهو افعل المفتوح العين من فعل المكسور العين مخالف لما نقله النحويون. فإنهم نقلوا عن الحجازيين فتح حرف المضارعة مما أوّله همزة وصل، ومما كان على وزن فعل بكسر العين يفعل بفتحها، أو ذا ياء مزيدة في أوله، وذلك نحو: علم يعلم، وانطلق ينطلق، وتعلم يتعلم، إلا إن كان حرف المضارعة ياء، فجمهور العرب من غير الحجازيين لا يكسر الياء، بل يفتحها. وفي مثل يوجل بالياء مضارع وجل، مذاهب تذكر في علم النحو، وإنما المقصود هنا: أن كلام ابن عطية مخالف لما حكاه النحاة، إلا إن كان نقل أن إخال بخصوصيته في لغة قريش مكسور الهمزة دون نظائره، فيكونون قد تبعوا في ذلك لغة غيرهم من العرب، فيمكن أن يكون قول ابن عطية صحيحاً.


الصفحة التالية
Icon