﴿وَنَحْنُ لَهُ عَبِدونَ﴾ : متصل بقوله: ﴿آمنا بالله﴾، ومعطوف عليه. قال الزمخشري: وهذا العطف يرد قول من زعم أن صبغة الله بدل من ملة، أو نصب على الإغراء، بمعنى: عليكم صبغة الله، لما فيه من فك النظم وإخراج الكلام عن التئامه واتساقه. وانتصابها يعني: صبغة الله على أنها مصدر مؤكد، هو الذي ذكره سيبويه، والقول ما قالت حذام. انتهى. وتقديره: في الإغراء عليكم صبغة الله ليس بجيد، لأن الإغراء، إذا كان بالظرف والمجرور، لا يجوز حذف ذلك الظرف ولا المجرور، ولذلك حين ذكرنا وجه الإغراء قدرناه بالزموا صبغة الله.
﴿وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ﴾ جملة حالية.
﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَهِيمَ وَإِسْمَعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ : قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص: أم تقولون بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. فأما قراءة التاء، فيحتمل أم فيه وجهين. أحدهما: أن تكون فيه أم متصلة، فالاستفهام عن وقوع أحد هذين الأمرين: المحاجة في الله، والادعاء على إبراهيم ومن ذكر معه، أنهم كانوا يهوداً ونصارى، وهو استفهام صحبه الإنكار والتقريع والتوبيخ، لأن كلاً من المستفهم عنه ليس بصحيح. الوجه الثاني: أن تكون أم فيه منقطعة، فتقدّر ببل والهمزة، التقدير: بل أتقولون، فأضرب عن الجملة السابقة، وانتقل إلى الاستفهام عن هذه الجملة اللاحقة، على سبيل الإنكار أيضاً.
وقال الزمخشري: وفيمن قرأ بالياء، لا تكون إلا منقطعة. انتهى.
والأحسن أن تكون أم في القراءتين معاً منقطعة.
والقول في أو في قوله: ﴿هوداً أو نصارى﴾، قد تقدّم في قوله: ﴿وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى﴾ (البقرة: ١١١). وقوله: كونوا هوداً أو نصارى} (البقرة: ١٣٥)، وأنها للتفضيل، أي قالت اليهود: هم يهود، وقالت النصارى: هم نصارى.


الصفحة التالية
Icon