عند من يذهب إلى اسميتها لفهم المعنى جائز شائع في كلام العرب، وإن كان البصريون لا يقيسونه، فقد قاسه غيرهم، قال بعض طيّي:
ما الذي دأبه احتياط وحزم
وهواه أطاع مستويان
أي: والذي أطاع، وقال حسان:
أمن يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواء
أي: ومن يمدحه، وقال آخر:
فوالله ما نلتم وما نيل منكم
بمعتدل وفق ولا متقارب
يريد: ما الذي نلتم وما نيل منكم، وقد حمل على حذف الموصول قوله تعالى: ﴿وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم﴾ (العنكبوت: ٤٦) }، أي والذي أنزل إليكم ليطابق قوله تعالى: ﴿والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل﴾ (النساء: ١٣٦) }. وقد يتمشى التقدير الأول على ارتكاب حذف الضمير لفهم المعنى، وإن لم يوجد شرط جواز حذفه، وقد جاء ذلك في أشعارهم، قال:
وإن لساني شهدة يشتفى بها
وهو على من صبه الله علقم
يريد: من صبه الله عليه، وقال:
لعلّ الذي أصعدتني أن تردني
إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادر
يريد: أصعدتني به. فعلى هذا القول يكون ﴿من كل دابة﴾ في موضع المفعول، ومن تبعيضية. وعلى مذهب الأخفش، يجوز أن تكون زائدة، وكل دابة هو نفس المفعول، وعلى حذف الموصول يكون مفعول بث محذوفاً، أي: وبثه، وتكون من حالية، أي: كائناً من كل دابة، فهي تبعيضية، أو لبيان الجنس عند من يرى ذلك.
﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَحِ﴾ ومن قرأ بالتوحيد، فإنه يريد الجنس، فهو كقراءة الجمع. والرياح في موضع رفع، فيكون تصريف مصدراً مضافاً للفاعل، أي وتصريف الرياح، السحاب أو غيره مما لها فيه تأثير بإذن الله. ويحتمل أن يكون في موضع نصب، فيكون المصدر في المعنى مضافاً إلى الفاعل، وفي اللفظ مضافاً إلى المفعول، أي وتصريف الله الرياح.