وأنا النذير بحرة مسودة
تصل الجيوش إليكم أقوادها} أبناؤها متكنفون أباهم
حنقوا الصدور وما هم أولادها
ولا تختص زيادة الباء باللغة الحجازية، بل تزاد في لغة تميم خلافاً لمن منع ذلك، وإنما ادعينا أن قوله: ﴿بمؤمنين﴾ في موضع نصب لأن القرآن نزل بلغة الحجاز، لأنه حين حذفت الباء من الخبر ظهر النصب فيه، ولها أحكام كثيرة في باب معقود في النحو. وإنما زيدت الباء في الخبر للتأكيد، ولأجل التأكيد في مبالغة نفي إيمانهم، جاءت الجملة المنفية إسمية مصدرة بهم، وتسلط النفي على إسم الفاعل الذي ليس مقيداً بزمان ليشمل النفي جميع الأزمان، إذ لو جاء اللفظ منسحباً على اللفظ المحكي الذي هو: آمناً، لكان: وما آمنوا، فكان يكون نفياً للإيمان الماضي، والمقصود أنهم ليسوا متلبسين بشيء من الإيمان في وقت مّا من الأوقات، وهذا أحسن من أن يحمل على تقييد الإيمان المنفي، أي وما هم بمؤمنين بالله واليوم الآخر، ولم يردّ الله تعالى عليهم قولهم: آمنا، إنما رد عليهم متعلق القول وهو الإيمان، وفي ذلك رد على الكرامية في قولهم: إن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب. وهم في قوله: ﴿وما هم بمؤمنين﴾ عائد على معنى من، إذ أعاد أولاً على اللفظ فأفرد الضمير في يقول، ثم أعاد على المعنى فجمع. وهكذا جاء في القرآن أنه إذا اجتمع اللفظ والمعنى بدىء باللفظ ثم أتبع بالحمل على المعنى. قال تعالى: ﴿ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا﴾ (التوبة: ٤٩)، ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن} (التوبة: ٧٥) الآية، ومن يقنت منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً} (الأحزاب: ٣١).


الصفحة التالية
Icon