وهذا التعليل ليس بشيء لأنه يقال: هو من النظر، وهو تردد العين. وهو معدى بإلى، لكنها محذوفة، والتقدير: هل ينظرون إلاَّ إلى أن يأتيهم الله؟ وحذف حرف الجر مع أن إذا لم يلبس قياس مطرد، ولا لبس هنا، فحذفت: إلى، وقوله: وكان مضافاً إلى الوجه يشير إلى قوله: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ (القيامة: ٢٣) فكذلك ليس بلازم، قد نسب النظر إلى الذوات كثيراً كقوله: أفلا ينظرون إلى الإبل} (الغاشية: ١٧) أرني أنظر إليك} (الأعراف: ١٤٣) والضمير في: ينظرون، عائد على الذالين، وهو التفات من ضمير الخطاب إلى ضمير الغيبة.
و: في ظلل، متعلق بيأتيهم، وجوّزوا أن يكون حالاً فيتعلق بمحذوف، و: من الغمام، في موضع الصفة لظلل، وجوّزوا أن يتعلق بيأتيهم، أي من ناحية الغمام، فتكون: مِن، لابتداء الغاية، وعلى الوجه الأول تكون للتبعيض، وقرأ الحسن، وأبو حيوة، وأبو جعفر: والملائكةِ، بالجر عطفاً على: في ظلل، أو عطفاً على الغمام، فيختلف تقدير حرف الجر، إذ على الأول التقدير: وفي الملائكة، وعلى الثاني التقدير: ومن الملائكة.
وقرأ الجمهور بالرفع عطفاً على: الله، وقيل: في هذا الكلام تقديم وتأخير، فالإتيان في الظلل مضاف إلى الملائكة، والتقدير: إلاَّ أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل، فالمضاف إلى الله تعالى هو الإتيان فقط، ويؤيد هذا قراءة عبد الله، إلاَّ أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل.
﴿وَقُضِىَ الأَمْرُ﴾ معطوف على قوله: يأتيهم، فهو من وضع الماضي موضع المستقبل، وعبر بالماضي عن المستقبل لأنه كالمفروغ منه الذي وقع، والتقدير: ويقضي الأمر، ويحتمل أن يكون هذا إخباراً من الله تعالى، أي: فرغ من أمرهم بما سبق في القدر، فيكون من عطف الجمل لا أنه في حيز ما ينتظر.


الصفحة التالية
Icon